♕♡♕♡♕♡♕♡♕♡♕♡♕
✍️ بقلم:
سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية
د. أحلام محمد أبو السعود
♕♡♕♡♕♡♕♡♕♡♕♡♕
📍 غزة – فرع الوسطى
في مشهدٍ يختصر حكاية غزة التي لا تنكسر، شهدت جامعة القدس المفتوحة – فرع الوسطى في قطاع غزة حفل تخرّج دفعةٍ جديدة من طلبتها، من تخصص أنظمة المعلومات الحاسوبية لطلبة فرع رفح، إلى جانب خريجي تخصص القضاء والسياسة الشرعية، في حفلٍ صغير بحجمه، كبير برسالته، عميق بدلالاته الوطنية والإنسانية.
حفلٌ حضره كلٌّ من الدكتور« رأفت جودة»، رئيس لجنة إدارة فروع قطاع غزة ومدير فرع شمال غزة، والدكتور« ياسين الأسطل»، عميد كلية تكنولوجيا المعلومات، ليكونا شاهدين على إنجازٍ أكاديمي وطني وُلد من رحم المعاناة، وتشكّل تحت القصف والحصار والنزوح.
وقد قمتُ، بصفتي سفيرة الإعلام العربي، بتغطية هذا الحدث، وإجراء لقاءات صحفية مع الدكتور ياسين الأسطل، الذي أكّد أن استمرار العملية التعليمية في قطاع غزة هو فعل مقاومة حقيقي، ورسالة تحدٍّ واضحة للاحتلال، مشددًا على إصرار الجامعة على أداء رسالتها التعليمية رغم تدمير البنية التحتية، واستهداف الجامعات والمدارس، ومحاولات كسر إرادة الطلبة الفلسطينيين.
كما صرح الخريج «عبد القادر أبو شبيكة»، تخصص أنظمة معلومات حاسوبية – فرع أمن المعلومات من رفح، والذي عبّر عن فخره الكبير بتخرّجه رغم النزوح وفقدان أبسط مقومات الحياة، معتبرًا أن شهادته الجامعية ليست ورقة علمية فقط، بل وثيقة صمود وانتصار على الحصار.
والخريج« محمد رأفت غنام»، تخصص أنظمة معلومات حاسوبية، الذي أكّد أن مواصلة التعليم في غزة كانت معركة يومية خاضها الطلبة بإرادتهم، وأن العلم سيبقى أقوى من آلة الحرب.
ويحمل تخرّج طلبة القضاء والسياسة الشرعية رسالة وعيٍ عميقة، بأن غزة لا تبني مستقبلها بالتكنولوجيا وحدها، بل تُرسّخ دعائم العدالة، وسيادة القانون، والوعي الشرعي والقيمي، وتُخرّج عقولًا قادرة على حماية المجتمع، وصون الحقوق، والدفاع عن الإنسان الفلسطيني في مواجهة الظلم والاحتلال.
لقد بدت الفرحة على وجوه الخريجين فرحةً ممزوجة بالدمع والكبرياء؛ فرحة من قهروا الحصار، وتحملوا المشقة والتعب في ظل حرب السابع من أكتوبر، وفي ظل النزوح القسري، وانقطاع الكهرباء والماء والإنترنت، وهدم الجامعات والمدارس، في محاولةٍ بائسة من الاحتلال لقتل الوعي الفلسطيني، وتجهيل الإنسان، ودفعه نحو التهجير.
إنّ هذا التخرّج، في توقيته وظروفه، لا يمكن قراءته كحدثٍ أكاديمي عابر، بل كموقف وطني جامع، يؤكد أن الشعب الفلسطيني، وفي القلب منه أبناء غزة، يرفض أن يكون ضحية صامتة، ويصرّ على أن يكون صانع مستقبل، مهما اشتدّ الظلم وتعاظم الحصار.
فمن بين الركام، ومن قلب النزوح، وتحت سماءٍ مثقلةٍ بالطائرات، وواقعٍ منهك بانقطاع أسباب الحياة، خرج الطلبة ليعلنوا أن العلم حقّ لا يُؤجَّل، ورسالة لا تُقصف، وهوية لا تُهدم، وأن الاحتلال، مهما دمّر الجامعات، لن ينتصر على الفكرة، ولن يهزم الوعي.
وتُجسّد جامعة القدس المفتوحة، بإدارتها وكوادرها وطلبتها، نموذجًا وطنيًا حيًّا للمؤسسة التعليمية الصامدة، التي لم تتخلَّ عن دورها، ولم تُغلق أبوابها أمام طلبتها، بل واصلت أداء رسالتها رغم الجراح، مؤكدة أن التعليم في فلسطين ضرورة وجودية، لا ترفًا مؤقتًا.
إنّ تخرّج طلبة أنظمة المعلومات الحاسوبية يُمثّل رسالة سيادة معرفية ورقمية في زمن تُستهدف فيه العقول والبيانات معًا، فيما يُجسّد تخرّج طلبة القضاء والسياسة الشرعية وعيًا بأهمية العدالة وسيادة القانون كجزء أصيل من معركة البقاء.
من غزة…
حيث يصبح التعليم فعل مقاومة،
وتُكتب الشهادات من تحت الركام،
ويولد الأمل كلّما ظنّوا أنه انتهى.
هكذا يتخرّج أبناء فلسطين:
بالصبر شهادة، وبالعلم مقاومة، وبالعدل وعي، وبالإرادة وطنٌ لا يُهزم.
د. أحلام محمد أبو السعود
غزة /فلسطين 🇵🇸🇵🇸


